وذكر أن طاهرًا لما عهد إلى ابنه عبد الله هذا العهد تنازعه الناس وكتبوه، وتدارسوه وشاع أمره؛ حتى بلغ المأمون فدعا به وقرئ عليه، فقال: ما بقى أبو الطيب شيئًا من أمر الدين والدنيا والتدبير والرأي والسياسة وإصلاح الملك والرعية وحفظ البيضة وطاعة الخلفاء وتقويم الخلافة إلا وقد أحكمه، وأوصى به وتقدم؛ وأمر أن يكتب بذلك إلى جميع العمال في نواحي الأعمال. قال: بلى يا أمير المؤمنين، رجل من بني عامر يقال له جعفر بن محمد، قال له: أحضرنيه، قال جعفر: فأحضرني ثمامة، فأدخلني عليه، فكلمني بكلام كثير، ثم أمرني أن أبلغه نصر بن شبث. غفر لكم ما أخذتم من الفداء. وفي هذه السنة ولى عبد الله بن طاهر إسحاق بن إبراهيم الجسرين، وجعله خليفته على ما كان طاهر أبوه استخلفه من الشرط وأعمال بغداد؛ وذلك حين شخص إلى الرقة لحرب نصر بن شبث. وذكر أن عميه علي بن مصعب وأخاه أحمد بن مصعب، صارا إليه يعودانه، فسألا الخادم عن خبره - وكان يغلس بصلاة الصبح - فقال الخادم: هو نائم لم ينتبه، فانتظراه ساعة، فلما انبسط الفجر، وتأخر عن الحركة في الوقت الذي كان يقوم فيه للصلاة، أنكرا ذلك، وقالا للخادم: تركيب زجاج سيكوريت بالرياض (Www.carookee.de) أيقظه، فقال الخادم: لست أجسر على ذلك، فقالا له: اطرق لنا لندخل إليه، فدخلا فوجداه ملتفًا في دواج، قد أدخله تحته، وشده عليه من عند رأسه ورجليه، فحركاه فلم يتحرك، فكشفا عن وجهه فوجداه قد مات.

قال: فخرج طلحة بن طاهر، فقال: ردوه ردوه - وقد خرجت فردوني، فقال: هل كتبت بما كان؟ وذكر عن العباس أنه قال: شهدت مجلسًا للمأمون، وقد أتاه نعي طاهر، فقال: لليدين وللفم! ذكر عن مطهر بن طاهر، أن وفاة ذي اليمينين كانت من حمى وحرارة أصابته، وأنه وجد في فراشه ميتًا. وذكر عن كلثوم بن ثابت بن أبي سعد - وكان يكنى أبا سعدة - قال: كنت على بريد خراسان، ومجلسي يوم الجمعة في أصل المنبر، فلما كان في سنة سبع ومائتين، بعد ولاية طاهر بن الحسين بسنتين، حضرت الجمعة، فصعد طاهر المنبر، فخطب، فلما بلغ إلى ذكر الخليفة أمسك عن الدعاء له، فقال: اللهم أصلح أمة محمد بما أصلحت به أولياءك، واكفها مؤنة من بغى فيها،